ما هو تعلم الألة ؟ ما أنواعه ؟ ما أهم تطبيقاته ؟ ( Machine Learning )

الذكاء الاصطناعي هو واحد من المجالات المُزدهرة في العالم هذه السنوات ، بل إنه من أهم التطورات التي حدثت في تاريخ التكنولوجيا في العصر الحديث ، فلديه ماض قوي وحاضر مزدهر ومستقبل مشرق ، وبلا شك فهو عصب التقدم العلمي ولديه بصمة حالية مرتبطة بعدد هائل من المجالات الحياتية اليومية كالزراعة والصناعة والتعليم والطب واستكشاف الفضاء وغيرهم ، دُون أن ننسى استحواذ الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي حول تقريبا 10 مليار دولار من رأس المال لاستثمارات العام الماضي وهي نسبة في ارتفاع ملحوظ ، كل ذلك ذكرناه بتعمق في مقال سابق عن  كل ما تود معرفته حول مجال الذكاء الاصطناعي ، ذكرنا أيضًا – صديقي – القارئ النهم أن الذكاء الاصطناعي يندرج تحته ثلاث تفريعات أساسية وهم ( معالجة اللغة الطبيعية – تعلم الألة - والشبكات العصبية ) .

نجد أنه من الطبيعي أن البشر يتعلمون من خبراتهم السابقة فيستفيدوا من كثرة التجارب بتحديد الأخطاء ومعالجتها والعمل بجد على عدم الوقع فيها مرة أخرى ، فنجد من البديهي أن الشخص ذو التجارب الكثيرة لديه دقة أكثر وحنكة في التعامل مع الأمور ، لدينا كذلك منظور شائع أن الألة تتبع تعليمات الإنسان من خلال التواصل الذي يكون بلغة برمجة تمكنك من تطبيق الأوامر ، لكن ماذا لو دربنا الألة على أن تتعلم وحدها وتصنع الخوارزمية المناسبة للأمور ، ذلك هو تعلم الألة ( Machine Learning ) وهو محور موضوع تلك السطور .

كل ما تود معرفته حول تعلم الألة ( Machine Learning )
كل ما تود معرفته حول تعلم الألة 

ما هو تعلم الألة ( Machine Learning ) ؟

كما نعلم أن كافة الحواسيب مبنية على الخوارزميات ، وإن كنت لا تعلم ما هي الخوارزميات فهي مجموعة من القواعد التي تحكم أسلوب وتصرف معين ، هي تقريبًا أساس معظم ما يتعلم بعالم الحاسوب ، أحيانا تظنها معقدة للغاية لكنها لا تخرج عن نطاق الX والY في ال Linear Functions أو الدوال الخطية في الرياضيات ، بمعنى أنه إذا حدث الموقف X فستقوم الألة بفعل التصرف Y ، إذن ما علاقة تعلم الألة بالخوارزميات ؟!

تعلم الألة أو ال Machine Learning الذي يُمكن اختصاره ب ML أو كما تُطلق عليه هو قسم فرعي من الذكاء الاصطناعي يعتمد على استخدام الألات لخوارزمية معينة تمكنها من التعلم من البيانات وفهمها وتطويرها ، فهي تستخدم البيانات كمُدخلات ( inputs ) من أجل تعليم الألة كيفية بناء خوارزمية معينة بهدف استخلاص نتائج مختلفة تظهر في صور عديدة كحل المشكلات أو الإجابة على الأسئلة أو ترشيح نوع معين من الفيديوهات أو الصور وغيرهم ، كل ذلك يتم تلقائيًا داخل الألة دُون الحاجة لأي تدخل بشري .

لنعط مثالًا يا صديقي القارئ ، فخير شيء للتوضيح والتبسيط وتسهيل التلقي هو الأمثلة ، ربما يكون لدينا روبوت داخل سيارة ذاتية القيادة ، الطبيعي أن ذلك الروبوت ليس لديه العقل البشري الذي يُميز ما يواجهه أثناء القيادة من أشخاص يمرون أو حوادث وغيرهم ؛ لذا فهو بحاجة إلى بناء خوارزمية تخبره بإنه إذا لاحظت الكاميرا الموجودة داخل السيارة جسم على بعد 15 سم بأن يتوقف ، أترى عبارة عن X وهو الحدث وال Y وهي النتيجة ، هذا يبدو عظيمًا إذا توقف عند رؤية طفل أو أي مار معرض للخطر وحدوث حادثة ، لكن ماذا لو كانت الجسم عبارة عن ورقة صغير مُلقاة على الأرض ، هنا الحاجة المُلحة بأن تتعلم الألة متى تتوقف بالضبط حيث ستغذي الحاسوب بأعداد كبير من البيانات لكي يتعلم تلقائيًا الفرق ويكتب الخوارزمية الخاصة به بناءً على الطريقة التي يقود بها الإنسان من أجل الوصول إلى النتيجة المطلوبة لنجاح العملية ؛ لذلك بإيجاز فإن تعلم الألة يهدف إلى استفادتها من البيانات المقدمة وتحليلها واستخلاصها لتعليم أنفسهم من أجل أن تعمل الحواسيب بشكل تلقائي .

تذكر دائمًا تلك القاعدة : الكثير من البيانات = نموذج أفضل = نتائج أدق

ما أنواع تعلم الألة ( Machine Learning Types ) ؟

التعليم المراقب ( Supervised Learning )

ال Supervised Learning يتضمن عدد كبير من الدوال التي تعتمد على عدد من البيانات لنوع من التصنيفات وبناءً عليها تستطيع الألة إنشاء الخوارزمية المناسبة التي تحدد الناتج بناءً على المدخلات ، فمثلًا لو لديك 3 عملات بأوزان مختلفة كالجنيه المصري واليورو والين الياباني ويزنوا 5 و 8 و 10 جرام بالترتيب ، من المفترض أن نموذج تعلم الألة ( Machine Learning Model ) سوف يتعرف على نوع العملة ؛ لذلك قد نعتبر أن الوزن هو ميزة تميز كل عملة بحيث تمكننا من التفريق بينهم ، فلو وضعناهم داخل رسم بياني سنجد أنه في حال كان وزن العملة كذا سيعرف أنها جنيه مصري على سبيل المثال ، لذلك فنوع العملة هو التسمية ( Label )  ، عندما يتم إدخال هذه البيانات إلى نموذج تعلم الألة سيتعلم أي ميزة مرتبطة بأي نوع ، وبعد إضافة أي عملة جديدة داخل الألة فبالتالي تلقائيًا ستصنفها باستخدام البيانات التي أدخلناها من قبل .

الهدف من إدخال البيانات بناءً على تصنيفات معينة هو إيجاد علاقة بين الX وال Y بحيث يمكن تمثيله في رسم بياني بعلاقة خطية أو عمل Decision Tree ، فمثلًا لو كنا نريد معرفة نوع حيوان معين ، لدينا سؤالين رئيسين داخل البرنامج ، أولهم هل يستطيع الطيران أو هل لديه زعائف ، كل إجابة True أو False ستحذف عدد كبير من الخيارات بنظام الاستبعاد حتى الوصول إلى نقطة معينة هي الأدق والأصح ، عليك أن تعلم أيضًا أن التعليم المراقب يعتمد بشكل أساسي كما هو واضح في المثال السابق على الميزة التي تميز كل مُدخل ، فبالتالي يُمكن تطبيقها على أشياء كثيرة مثل الطول أو السرعة أو غيره وغيره ، وهذه تعتبر واحدة فقط من خوارزميات تعلم الألة عن طريق التعليم المراقب .

التعليم الغير مراقب ( Unsupervised Learning )

التعليم الغير مراقب هو عكس التعليم المراقب في الكثير من الأساسيات والمفاهيم المتعلقة به ، فهو يعتمد على أنماط من البيانات المدخلة دون أن تكون تحت أي تصنيفات معينة (Labeled Outcomes) ، وبالتالي فأول وجه للاختلاف بينه وبين التعلم المراقب هو أنه لا يعتمد على أي تصنيفات للبيانات ، يعتمد كذلك التعلم الغير مراقب على تعلم الخوارزمية من تلقاء نفسه باستخدام البيانات التي تم إدخالها أما التعلم المراقب فهو يعتمد على التعليم الموجه ، بذلك فأظنك استنتجت – صديقي – أن التعليم المراقب طريقته أبسط بينما الغير مراقب طريقته معقدة نوعًا ما ، من ناحية النتائج فهو أقل دقة كونه لا يعتمد على تصنيف البيانات المدخلة من الأساس فبالتالي هنالك بعض العشوائية ، لكن من ناحية الاستخدام فهو شائع كما سترى في السطور المُقبلة .

التعليم المُعزز ( Reinforcement Learning )

التعليم المُعزز يعمل تحت مبدأ ال Feedback Learning أو رد الفعل والاستجابة ، ربما لم تفهم المغزى ... لذلك دعنا نتخيل أنك زودت النظام الخاص بالألة صورة لكلب وسألته لتحديد ما هو ذلك الشيء فقام بتحديدها على أساس أنها قطة ، ربما لوجود تشابهات بينهم كأن لديهم 4 أقدام أو لأن الحجم تقريبًا متشابه أو لأي غرض قامت الألة على أساسه بإخراج نتيجة غير صحيحة بدقة سلبية تمامًا ، بعد ذلك قمت بإخبار النظام أن الصورة كانت لكلب ، المُفترض إذا كان يتبع طريقة التعليم المُعزز فسيتعلم النظام ذلك وبالتالي أي صورة أخرى لكلب ستستطيع الألة تصنيفها بشكل صحيح ، يُمكنك تطبيق ذلك المثال على أي نظام يعمل بمبدأ الاستجابة وردود الفعل .

يتضمن نموذج تعليم الألة 3 أجزاء رئيسية ( Input – Model – Output ) ، داخل ال Input يكون هنالك المدُخلات المختلفة للبيانات ، داخل ال Model يتم تطبيق الخوارزمية التي تتعلمها الألة من تلقاء نفسها على حسب نوع التعليم الذي تعتمده بناءً على نوع البيانات سواءً كانت مصنفة فيستخدم ال Supervised Learning أو غير مصنفة فيستخدم ال Unsupervised Learning وغيرهم ، ثم بعد ذلك ال Output فإذا كانت صحيحة بدقة مناسبة ستعتبر النتيجة النهائية أما لو كانت خاطئة فسيعمل ال Reinforcement Learning بتوفير الاستجابة الصحيحة في المرات القادمة .

راعينا الاختصار نوعًا ما حول التفاصيل المتعلقة بأنواع تعلم الألة كوننا سنذكرها في مقال أخر مفصل لهم ضمن المواضيع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي .

تطبيقات تعلم الألة

تظهر تطبيقات تعلم الألة في مختلف الأنشطة التي نفعلها في حياتنا اليومية كونها الحاضر والمستقبل حتى تفهم سيرورة عمل معظم الأدوات والتقنيات التي تستخدمها وتعرف السبب وراء ذاك وذاك ، وبالمناسبة – صديقي – فتعلم الألة ليس وليد اللحظة بل هو موجود في تقنيات تستخدمها بالفعل لسنوات منذ فترة طويلة ستكتشف ذلك في التطبيقات المعروضة الأتية .

المعلوماتية الحيوية ( Bioinformatics )

المعلوماتية الحيوية هي تعني تخزين المعلومات البيولوجية الخاصة بنا كبشر مثل بصمات الأصابع ، وكما ترى فالهواتف المحمولة اليوم قادرة على تعلم معلوماتنا البيولوجية وتمييزها في توفير أمان لنظام الهاتف سواءً بالتعرف على الوجه أو بصمات الأصابع ، وهي تقريبًا استخدام شائع في الحياة اليومية فمعظم الهواتف الأن أصبحت تستخدم الأمان بالبصمة سواءً بالوجه أو الأصابع .

التعرف على الكلام

يُمكن للتعلم الألي ترجمة الكلام إلى نص ، ويُمكن لبعض التطبيقات تحويل الصوت الحي والكلام المسجل إلى نص ، بل يُمكن لبعض التطبيقات تمييز صوتك والرد والتجاوب معك وتحقيق طلباتك عن طريق صناعة خوارزمية حول صوتك مثل Google Assistant و Siri .

كشف البريد المخادع

يحتوي G-Mail على خوارزمية متميزة تعمل على حظر الرسائل غير الواقعية أو الرسائل المستندة إلى الكمبيوتر والرسائل المُضلة التي تحتوي على كلمات مزيفة مثل " أنت الفائز بشيء ما " ، ليس G-Mail فقط بل كثير من التطبيقات المختصة بالتعامل مع البريد الإلكتروني .

وصلنا إلى نهاية المقال لكن لم نصل بعد إلى نهاية المواضيع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والبرمجة ، في انتظار رأيك حول مجال الألة وهل تراه حقًا مستقبل المجال التقني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق